في إطار تتبع تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية التركية على العلاقات بين أنقرة والعالم العربي، نظمت أكاديمية ملتقى المعارف “أمم”، اليوم الجمعة، ندوة افتراضية تحت عنوان “الانتخابات التركية بعيون مغربية”، حاضر فيها محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيو-سياسية والاستراتيجية.
المحاضر ذكّر في بداية كلمته بأن “الدولة التركية عرفت في مراحل تاريخية إرساء واضحا للعقيدة الكمالية، نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك، التي ترسخت في المؤسسات الدستورية القوية”، مشيرا إلى أن “البلاد شهدت عددا من الانقلابات نجح بعضها وفشل البعض الآخر، على غرار انقلاب 1960 وانقلاب 1971”.
وقال المتحدث إن “الرئيس التركي الحالي نجح في تجاوز التناقضات الموجودة داخل الجسم السياسي التركي وإعادة الجيش إلى الثكنات والتأسيس لنموذج اقتصادي وسياسي، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “الدول الغربية تعتبر أن أردوغان أسس لنظام شمولي، بعد المحاولة الانقلابية لسنة 2016 وما تلاها من أحداث وتصفية لإرث فتح الله غولن في تركيا”.
وفي تتبعه للمسار السياسي للدولة التركية، تحدث العروسي عن “التعديل الدستوري الذي أقره أردوغان في العام 2017، والذي تحولت بموجبه تركيا من النظام النيابي البرلماني إلى النظام الرئاسي، وتعزيز الصلاحيات الممنوحة للرئيس”، وهو “ما اعتبره الغرب ميلا إلى الديكتاتورية أكثر منه إلى الديمقراطية”.
وفي معرض حديثه عن السياسة الخارجية التركية، أشار العروسي إلى أن “أنقرة تعتبر أن العالم الإسلامي بمثابة مجال حيوي وعمق استراتيجي بالنسبة لها”، مبرزا أن “ما بعد الربيع العربي أفرز علاقات متوترة مع عدد من الدول العربية والغربية، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات ومصر والسعودية”.
وأردف بأن “الأزمة الاقتصادية التي شهدتها تركيا والتحولات الإقليمية والدولية، دفعت في اتجاه نوع من التقارب مع مجموعة من الدول العربية في إطار استراتيجية القوة الناعمة التي ينتهجها أردوغان”.
وتابع بأن “هذا التقارب سيتبعه نقاش بين أنقرة وعدد من العواصم العربية حول المسائل الخلافية، خاصة مع مصر حول ملف الإخوان المسلمين”، وأن “تركيا تطمح، بالإضافة إلى ذلك، إلى تدعيم علاقاتها مع دول المغرب العربي، ودول القارة الإفريقية التي تتوفر فيها أنقرة على قواعد عسكرية، خاصة الصومال “.
وعن المنطقة المغاربية، شدد المتحدث ذاته على أنها “تحظى باهتمام خاص في السياسة الخارجية التركية”، مردفا أن “تركيا أصبحت تنتهج سياسة أكثر هدوء وتريثا تجاه المنطقتين العربية والمغاربية، وهو ما بدا جليا من ردود الفعل التركي حول مجموعة من القضايا، إذ لم نسمع رد فعل كبيرا حول القضية التونسية والاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة”.
وبخصوص علاقات المغرب مع تركيا، ذكر المحاضر أن “ما يهم المغرب في علاقاته مع تركيا هو موقفها من قضية الصحراء المغربية، إذ عبرت أنقرة في 2013 عن موقفها الرافض للاعتراف بميليشيات البوليساريو وأكدت على سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”، غير أنه أردف بأن “تركيا في الآونة الأخيرة أصبحت تميل إلى ما قد نعتبره حيادا بشكل أو بآخر، من خلال الدعوة إلى التسوية الأممية”.
واستعبد الأستاذ المحاضر أن يحدث تغير في السياسة الخارجية التركية تجاه المغرب بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكدا أن “المغرب انفتح على الفاعل التركي وعلى الاستثمارات التركية رغم كونها محتشمة، إذ لا يتجاوز حجم المبادلات بين البلدين 3,5 مليارات دولار، مع تسجيل عجز في الميزان التجاري لصالح أنقرة”.