مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا ينال دعما من الاتحاد الأوروبي

مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا ينال دعما من الاتحاد الأوروبي

يبدو أن فكرة الربط البحري بين المغرب وإسبانيا، التي طرحت لأول مرة أواخر سبعينات القرن الماضي، تتجه لتصبح حقيقة على أرض الواقع، بعدما حصلت مدريد على تمويل جديد من الاتحاد الأوروبي، بقيمة 2,3 مليون يورو، من أجل دراسة جدوى المشروع، في إطار اتفاقية بين وزارة النقل الإسبانية والجمعية الإسبانية لدراسة الاتصالات الثابتة عبر المضيق، لتحليل إمكانية إقامة نفق تحت البحر لربط البلدين بشبكة للسكك الحديدية فائقة السرعة، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية الإسبانية في عددها الصادر أول أمس الجمعة.

يأتي ذلك بعد أشهر من تأكيد عدد من المسؤولين المغاربة والإسبان، على رأسهم وزيرة النقل والبرامج الحضرية الإسبانية، راكيل سانشيت، أن بلادها تعمل مع المملكة المغربية من أجل “إعطاء دفعة قوية للدراسات الخاصة بهذا المشروع الاستراتيجي للبلدين وللقارتين الأوروبية والإفريقية”.

من جهته، كان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، قد صرح، على هامش الاجتماع رفيع المستوى بين مدريد والرباط الذي جمعه بنظيره الإسباني بيدرو سانشيز في فبراير الماضي، أن “القرب الجغرافي والشراكات الاقتصادية بين المملكتين، يدفعان في اتجاه فتح آفاق جديدة لهذه الشراكة وبناء المستقبل من خلال مجموعة من المشاريع على غرار مشروط الربط القاري بين البلدين”.

وتترجم تصريحات مسؤولي البلدين رغبة وإرادة الدولتين الجارتين لإحياء هذا الحلم القديم وتنزيله على أرض الواقع، خاصة في ظل المنافع الاقتصادية الكبيرة لهذا المشروع، وتحسن مناخ العلاقات بينهما.

مشروع دولي

محمد الشرقي، خبير اقتصادي، قال إن “هذا المشروع سيساهم في زيادة حجم المبادلات التجارية بين مدريد والرباط، بل وبين القارتين الإفريقية والأوروبية، ذلك أن حجم المبادلات التجارية ما بين إسبانيا والمغرب بلغ خلال العام الماضي 20 مليار يورو. وبالتالي، فإن تشييد هذا المشروع الضخم سيؤدي بلا شك إلى انتعاش كبير في حجم المبادلات ما بين البلدين”.

ويحظى هذا المشروع بتأييد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا التي تشارك فيه، يضيف المتحدث ذاته، بل و”بتأييد كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنه سيمكنهما من تعزيز علاقاتهما مع كل من إفريقيا وأوروبا، كما سيوفر فرصا استثمارية كيرة لشركات هذين البلدين، إضافة إلى تأييد دول آسيوية كاليابان والإمارات والسعودية”.

وتابع الشرقي بأن المشروع “يحظى أيضا بدعم عدد من المؤسسات الدولية المانحة، على غرار البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، إضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية والبنك العربي”.

وأردف المصرح لالفرشة تيفي بأن “المشروع يصب أيضا في مصلحة الترشيح الثلاثي الذي تقدم به كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم في كرة القدم 2030، ويعطي أفضلية لهذا الملف المشترك”.

وخلص الشرقي إلى أن “العالم اليوم بدأ يغير نظرته تجاه إفريقيا التي أصبحت تملك مفاتيح حل مجموعة من الأزمات الاقتصادية الدولية، والمغرب هو بوابة أوروبا والعالم نحو هذه القارة، دون أن ننسى أن هذا المشروع ليس ذا بعدي اقتصادي فقط، بل له بعد عالمي أيضا، إذ يعكس حوار الحضارات الذي تقوده كل من الرباط ومدريد، في إطار إرادة العيش المشترك، على اختلاف الثقافات واللغات والأديان”.

طنجة.. قطب اقتصادي

تفاعلا مع سؤال حول أهمية هذا المشروع في تعزيز مكانة مدينة طنجة كقطب اقتصادي قاري ودولي، اعتبر ياسين عاليا، محلل اقتصادي، أن “هذه المدينة أصبحت تحظى بمكانة اقتصادية مهمة، خاصة بعد تشييد ميناء طنجة المتوسط ومجموعة من المشاريع الكبرى. وبالتالي، فإن هذا الربط القاري سيساعد على الرفع من مستويات الإنتاج الداخلي بمناطق الشمال، كما سيجعل من هذه المناطق واجهات سياحية مهمة على الصعيدين الوطني والقاري”.

وقال عاليا، في تصريح لالفرشة تيفي، إن “الربط بين إسبانيا والمغرب عبر مضيق جيل طارق، سيمكن هذين البلدين من تخفيض تكاليف النقل واللوجستيك”، مضيفا أنه “سيساهم كذلك في رفع وتيرة حركة الأشخاص ما بين البلدين، خاصة الجالية المغربية المقيمة بالخارج”.

وعلى المستوى الاجتماعي، فالمشروع “سيوطد العلاقات الاجتماعية ما بين شعوب القارتين الإفريقية والأوروبية، امتدادا وتتويجا للروابط الأسرية والتاريخية والعلمية التي تجمع ما بين دول الشمال والجنوب”، يختم المحلل الاقتصادي ذاته.

أحدث أقدم