وضوح الموقف من الصحراء المغربية يرسي "جسور الثقة" بين أمستردام والرباط

وضوح الموقف من الصحراء المغربية يرسي "جسور الثقة" بين أمستردام والرباط

تواصل أمستردام والرباط بناء “جسر متين” للعلاقات التاريخية التي تجمع بين المملكتين، بعد التوقيع على اتفاق بإنشاء صندوق استثماري قيمته 300 مليون يورو؛ وهو التحول “الجذري” في العلاقات الذي جاء بعد وضوح الموقف الهولندي من قضية الصحراء.

وبعد أن تأثرت العلاقات بين الطرفين بسبب “احتجاجات الريف”، وقضية تسليم سعيد شعو، المتورط في “الاتجار بالمخدرات”، والذي يبقى تسليمه إلى الرباط “معلقا” إلى حدود الساعة، جاء الموقف الهولندي الداعم لمخطط الحكم الذاتي لينهي سلسلة من التباعد والبرود الدبلوماسي، نتج عنه تعاون “وثيق” في شتى المجالات.

باريس تخسر

وبهذا يظهر جليا حجم العوائد السياسية والاقتصادية التي يستفيد منها الشركاء الدوليون للرباط، الذين يتبنون “موقفا واضحا” من قضية الصحراء المغربية، الأخيرة التي أصبحت “تيرموميتر” السياسة الخارجية للرباط، إذ تسعى أمستردام إلى الاستفادة من الفرص الواعدة التي يقدمها المغرب في مجال الطاقة، خاصة الهيدروجين.

في سياق متصل، تواصل باريس “خسارة” فرص واعدة تقدمها الرباط كوجهة طاقية بديلة، إلى جانب مجالات متعددة أصبحت المملكة والقارة الإفريقية من خلالها المتنفس الجديدة لرحى العلاقات الدولية؛ وهو الأمر الذي تؤكده شريفة لموير، محللة سياسية، إذ قالت إن “الموقف المغربي نابع من استراتيجية الوضوح التي كانت واضحة في الخطب الملكية منذ سنوات، وهي الرسائل التي كانت موجهة إلى الشركاء التقليديين وحتى الجدد”.

وأضافت لموير، في حديث لالفرشة تيفي، أن “تبعات هاته الاستراتيجية هي حرص المغرب في تعامله مع حلفائه بالخروج من المواقف الضبابية، خاصة في مسألة قضية الصحراء المغربية”.

“ما يمنع باريس من الحذو حذو باقي شركاء المغرب أنها ما زالت تتعامل مع المغرب بمنطق التعالي والعقل الاستعماري وبالتالي تحاول الاستمرار في منطق المصالح والخدمات”، أوردت المتحدثة عينها، الذي لفتت إلى أن “فرنسا تريد فرض علاقة استراتيجية من جانب واحد؛ وهو ما لا يقبله المغرب، فالأخير قطع خطوات مهمة جعلت منه رقما مهما داخل المنظومة العالمية”.

وخلصت المحللة السياسية ذاتها إلى أن “ما يفرضه المغرب على شركائه هو التعامل معه كشريك وليس كتابع. لذلك، ففرنسا اليوم مطالبة بموقف واضح لتعزيز الثقة مع المغرب ولتوطيد الشراكة النوعية التي تربطها مع الرباط”.

وضوح مغربي

من جانبه، قال طارق أتلاتي، خبير في العلاقات الدولية، إن “التاريخ الذي يجمع أمستردام بالرباط عميق؛ لكن هنالك أولويات للمغرب، كما هو الحال بالنسبة لهولندا نفسها، والصحراء هي الأولوية القصوى للديبلوماسية المغربية”.

وأضاف أتلاتي، في تصريح لالفرشة تيفي، أن “العاهل المغربي وضع شرطا صارما لمن يريد الدخول في شراكة اقتصادية ذات أبعاد استراتيجية مع المملكة، وهو إبداء موقف واضح من قضية الصحراء المغربية؛ الأمر الذي يظهر جليا في العلاقات اليوم مع المملكة الهولندية”.

“ما يجب أن يفهم حاليا هو أن أية دولة تتأخر في توضيح موقفها من قضية الصحراء تضيع بشكل مباشر فرصها السياسية والاقتصادية في الدخول إلى السوق المغربية والإفريقية”، شدد المتحدث عينه، مبرزا أن “فرنسا معنية بهذا، خاصة بعد رسالة قضائها الذي وجه صفعة إلى تنظيم البوليساريو”.

وخلص أتلاتي إلى أن “باريس ملزمة بالاستيقاظ من غفلة أوهام نظام قصر المرادية، الذي تركها رغم الوعود، ثم ارتمى في الحضن الروسي”، مؤكدا في الوقت عينه أن “باريس تخسر المغرب باستمرار، باعتباره أول حليف موثوق لها في القارة الإفريقية”.

أحدث أقدم