شهدت جلسة مجلس الأمن رفيعة المستوى مع الجامعة العربية لبحث التعاون بين الطرفين، “تحولا مثيرا” في الموقف الروسي من قضية الصحراء المغربية.
وفي كلمته، تأسف فاسيلي نيبينزيا، ممثل روسيا الدائم بمجلس الأمن، لاستمرار ما وصفه بـ”الأوضاع المقلقة، وغير المستقرة” في منطقة الصحراء المغربية، ومناطق أخرى بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويتزامن تصريح نيبينزيا مع وصول عبد المجيد تبون إلى موسكو في زيارة لتعزيز الشراكة التي تجمع البلدين، والبحث عن موافقة نهائية للانضمام إلى مجموعة “بريكس”.
ومع “إصرار” قصر المرادية على وضع قضية الصحراء المغربية ضمن أولويات سياسته الخارجية، فمن المتوقع أن “تتطرق موسكو والجزائر للملف خلال زيارة تبون”، وسط “شكوك” حول بقاء الموقف الروسي في خانة الحياد الإيجابي من القضية، التي “ازدادت” حدتها مع تصريحات نيبينزيا الأخيرة.
محمد ظريف، محلل سياسي، يرى أن “الموقف الروسي من قضية الصحراء المغربية كان دائما يتسم بالازدواجية وغياب الوضوح، وما قاله ممثل موسكو بالأمم المتحدة ليس بالأمر الجديد”.
وأضاف ظريف، في تصريح لالفرشة تيفي، أن “وصف نيبينزيا الأوضاع في منطقة الصحراء المغربية بكونها غير مستقرة، أمر مردود عليه، لأن المنتظم الدولي شاهد على الاستقرار الذي تعرفه أقاليمنا الجنوبية”.
واعتبر المحلل السياسي عينه أن “زيارة تبون لا يمكن ربطها بتصريحات ممثل موسكو في الأمم المتحدة، أو بتأويلات حول وجود ضغط جزائري على روسيا من أجل تغيير موقفها من قضية الصحراء”، لأن ذلك “يعارض الأهداف الجزائرية من خلال الزيارة، وهي التعبير عن دعم موسكو في حربها في أوكرانيا”.
“روسيا طيلة عقود تلعب على وتر قضية الصحراء من خلال مواقف متناقضة ومتباينة”، يخلص ظريف، مبينا أن “هاته المواقف يأتي وراءها موقف واضح لروسيا، هو الحياد الإيجابي وإبقاء العلاقات مع المغرب والجزائر في منحى جيد”.
من جانبه، أشار خالد الشيات، أستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، إلى أن “روسيا ليست في وضع أخلاقي لتعبر عن قلقها من الأوضاع في بلدان أخرى”، مفسرا أن “حربها على أوكرانيا يجب أن تبقيها في حالة صمت لعقود طويلة”.
وأورد الشيات، في تصريح لالفرشة تيفي، أن “حديث الممثل الروسي عن عدم استقرار في الأقاليم الجنوبية أمر غير دقيق، وينم عن غموض كبير حول دوافع إطلاق مثل هاته التعابير”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المملكة المغربية تضبط إيقاعا مستقرا في أقاليمها الوطنية، عبر تحقيق الأمن العام، وضمان حقوق وواجبات مواطنيها، وهو أمر لا تحتاج الرباط إلى الإدلال به لأي طرف دولي”.
“لقد أصبح معروفا أن الجزائر تأخذ جميع الفرص من أجل ضرب سيادة المغرب على صحرائه”، يتابع الأستاذ بجامعة محمد الأول، مؤكدا في الوقت ذاته أن “روسيا تعطي مؤشرات ديبلوماسية مجاملة للنظام الجزائري من أجل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية بهذا البلد، وهو الأمر الذي حصل في اجتماع مجلس الأمن الأخير”.
وخلص الشيات إلى أن “روسيا لا يمكنها أن تغامر أكثر في علاقاتها مع الرباط، لأنها تعلم حجم الخسائر التي ستلحقها، خاصة وأن المغرب من أهم المفاتيح لدخول القارة الإفريقية التي تسيل لعاب الكريملين”.