العلاقات الثنائية بين المغرب وروسيا .. مواقف محايدة ووجهات نظر متقاربة

العلاقات الثنائية بين المغرب وروسيا .. مواقف محايدة ووجهات نظر متقاربة

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أكثر من ثلاثين عاما، التقى وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا، مطلع الأسبوع الجاري بالرباط، نظيره المغربي ناصر بوريطة، الذي جدد “التزام المملكة بالحياد حيال النزاع بين كييف وموسكو، وحرصها على تطوير علاقاتها مع الجانب الأوكراني”.

وتزامنا مع تواجد المسؤول الأوكراني بالمغرب كان هناك لقاء آخر بين السفير المغربي في موسكو، لطفي بوشعرة، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، تناول فيه الطرفان “عددا من القضايا الراهنة التي يناقشها مجلس الأمن الدولي، بما فيها قضية الصحراء المغربية”، وفق ما أعلنته الخارجية الروسية في بلاغ لها.

البلاغ ذاته لم يوضح طبيعة المحادثات الروسية المغربية بشأن قضية الوحدة الترابية للمملكة، في حين ذهبت بعض القراءات إلى القول إن “لقاء السفير المغربي بالمسؤول الروسي كان لشرح خلفيات الرباط لوزير الخارجية الأوكراني من جهة، وضمان موقف محايد لروسيا في الجلسة المقبلة لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية، التي ستعقد أواخر العام الجاري، من جهة أخرى”.

وفي الوقت الذي أعربت أوكرانيا عن دعمها الصريح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، تحافظ روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، على “موقف متوازن” حيال النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ امتنعت عن التصويت على القرار الأخير لمجلس الأمن عدد 2654 بشأن تمديد مهام بعثة “المينورسو” في الصحراء المغربية العام الماضي، رغم ارتباطاتها العسكرية والسياسية بالطرف الجزائري.

انفتاح مغربي

شريفة لموير، المحللة السياسية وعضو مركز “شمال إفريقيا للدراسات والبحوث”، قالت إن “تزامن زيارة كوليبا للمغرب مع لقاء بوشعرة بنائب وزير الخارجية الروسي بموسكو، يعكس حرص المملكة على الحفاظ على المسافة نفسها بين طرفي النزاع وعدم إقحامها في أي صراع قد يضر بمصالحها الاستراتيجية”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة لفرشة تيفي الإلكترونية، أن “انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن والاستقرار الدوليين حتمت على المغرب الانفتاح على كل القوى الدولية، وتعزيز دوره الإقليمي وكذا الدولي”.

وأكدت أن “التقارب الأوكراني المغربي الأخير خطوة جد إيجابية بالنسبة لكلا الطرفين، إلا أن المملكة متمسكة، من جهة أخرى، بتثمين علاقاتها أكثر مع الجانب الروسي على عدة مستويات”.

علاقات جيدة

حول موقف روسيا من قضية الصحراء المغربية، أوضحت لموير أن “الروس لن يضحوا بعلاقاتهم الجيدة مع المغرب، خاصة أن سياسة الانفتاح التي تنهجها المملكة مكنتها من أن تحظى باحترام مجموعة من الدول، وأصبحت رقما هاما في المنظومة الدولية”.

محمد جناتي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، قال إن “المغرب تربطه علاقات سياسية واقتصادية متينة بدولة روسيا الاتحادية”، مضيفا أن “الرباط تعتبر موسكو طرفا مهما في معادلة المصالح الدولية الاستراتيجية باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، وتتمتع فيه بحق النقض الذي يؤثر بقوة على مصالح المغرب الحيوية، وفي مقدمتها قضية الصحراء”.

وأكد الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة لفرشة تيفي الإلكترونية، أن “تعبير المملكة عن رغبتها في تطوير علاقاتها مع كييف لن يؤثر في مواقف موسكو بالنظر إلى الموقف الحيادي الذي أعرب عنه المغرب”.

وتابع قائلا: “تقارب المملكة مع دولتين متحاربتين من شأنه أن تلعب خلاله الرباط دور الوساطة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، إعمالا لمبادئ السياسة الخارجية للمغرب ومبادئ الأمم المتحدة بخصوص حسن الجوار وتغليب لغة الحوار على لغة البنادق”.

أحدث أقدم