أماطت نتائج الإمتحان الكتابي لمولوج مهنة المحاماة أو ما صار يعرف بالإمتحان “الفضيحة” لما شابه من خروقات جمّة، بطلها بالدرجة الأولى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أماطت بشكل كلِّي الغِشاوة عن عيون المغاربة، وأظهرت المعدن الحقيقي للنخب السياسية في بلادنا، وفضحت ازدواجية خطاباتهم في ممارسة العمل السياسي والشعارات الخدّاعة التي ترفعها خلال محطة الإنتخابات أو داخل مجلسي البرلمان أو في مناسبات مختلفة، من عدالة اجتماعية ومساواة وديمقراطية..، والتي لا تعدو عن كونها مسرحيات روتينية، بسيناريو متكرر وإخراج رتيب وممِّل.
لقد فوّتت الأحزاب المغربية فرصة المصالحة مع الشعب عبر الإصطفاف معه في فضيحة امتحان المحاماة أو “المحاباة” كما وصفه بعض الراسبين المحتجين، والترافع عن هذا الملف بكل الوسائل والطرق القانونية التي يخولها الدستور، خصوصا بعد رصد اختلالات كافية لإسقاط هذا الإمتحان وإعادته.
لقد تعاملت الأحزاب السياسية المغربية مع وزير العدل عبد اللطيف وهبي في فضيحة الإمتحان بمبدأ “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما”، وسارعت أحزاب التحالف الحكومي إلى بلع ألسنتها واكتفت بإشارات خفيفة، بالرغم من أن فضيحة امتحان الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة وصل صداه الى ربوع العالم وتابعت تفاصيله بإهتمام بالغ كبريات القنوات الدولية والمواقع الإخبارية الإلكترونية، وهو ما يؤكد ما تم الترويج له بكون الأحزاب حصلت على كوطا في نسبة الناجحين، لذلك تضمنت لائحة الناجحين أسماء السياسيين والبرلمانيين ومسؤولين نقابيين، وهو ما أثار حفيظة أبناء عموم الشعب.
فقْدُ المواطن الثقة في النخب السياسية ليس وليد اليوم بل يمتد الى فترة ما بعد الإستقلال وهلمّ جرّا، حيث ظهرت أحزاب سياسية أفرزتها عوامل اجتماعية وتطورات سياسية أو انشقاقات حزبية، ويكفي رصد تطور مسار هذه الأحزاب السياسية وآليات اشتغالها، وسيتبين لك بالملموس والواقع المُعاش أن هذه النخب بخلفياتها الإيديولوجية والفكرية ما كانت يوما تمثل الشعب بل تمثل عليه، وما كانت يوما قطّ تتحدث بإسم الشعب بل تستغل إسم الشعب في حوارها مع الدولة العميقة أو المؤسسة الملكية، لذلك غالبا ما تشهد صناديق الإقتراع في الإنتخابات الجماعية والتشريعية نسبة مشاركة ضعيفة.
إن النخب السباسية في المغرب كان من المفروض أن تمارس دورها الحقيقي في السهر على الإنتقال الديمقراطي وتحقيق العدالة الإجتماعية ومحاربة الفساد، والترافع عن حقوق الشعب المغلوب على أمره أمام جشع غول السياسيين أنفسهم، الذين لم يعد يثق فيهم حتى عاهل البلاد (خطاب ملكي سابق)، وعليه، فإن كانت الديمقراطية التي تسعى اليها هذه النخب هو تحقيق العيش الباذخ لها فقط، والإستفادة من خيرات هذه البلاد وتخصيص مناصب الشغل الهامة لأولادهم فقط، فنقول لكم أفٍّ للديمقراطية العفنة التي تتغنون بها والتي لا تزيد سوى الغني غنا والفقير فقرا، واتركوا الشعب يخطاب ملكه بدون وساطة، فاللهم الدولة العميقة ولا النخب السياسية العقيمة.