يقدم النص السينمائي الذي صنعه ناثانيال مارتيلو وايت رؤية تتعلق برمزية المرأة باعتبارها رحم البشرية أو الأرض التي أنجبت عرقين هما الأسود والأبيض، واختارت أن تمنح العرق الأبيض امتيازات مكنته من السيطرة على الثروة والسلطة والنفوذ
أن تنتحل شخصية مغايرة تماما لما أنت عليه بالفعل وتحاول إخفاء هويتك ودينك ولونك وجذورك هو أمر مستحيل التحقق عمليا، ورغم ذلك لا يتردد البعض في فعله انسحاقا أمام الآخر أو بحثا عما يعتقد أنها حياة مريحة.
قد تفعل ذلك مجموعات بشرية بكاملها، فتضل الطريق إلى المستقبل، ذلك أن إنكار الهوية يؤدي إلى تحول البشر أفرادا وجماعات إلى مجرد مسوخ تحمل ملامح ثقافة منسحقة وأخرى ساحقة، وتنتهي غالبا بنهاية ميلودرامية.
يدرك الأفارقة في العالم الأبيض (أوروبا أو أميركا) هذه المعادلة منذ زمن طويل عبر تجارب لا حصر لها، ورغم ذلك يسقط بعضهم في الحفرة نفسها التي يطلق عليها “كراهية الذات” وينكرون هوياتهم الواضحة.
ويقدم الممثل والكاتب والمخرج البريطاني ناثانيال مارتيلو وايت فيلم “الشاردون”(The Strays) الذي يعرض حاليا على منصة نتفليكس، ويستعرض خلاله واحدة من تجارب الانسحاق أمام الآخر في أولى تجاربه ككاتب ومخرج معا.
ولعل التجربة الشخصية للمخرج الإنجليزي ذي الأصول الأفريقية هي الملهم الأول الذي منحه تلك الطاقة الوحشية والدافئة في الوقت ذاته عبر فيلم ميلودرامي يسير على حافة العنف من جهة، ويقترب من خدش قدسية الأمومة من جهة أخرى، لكن لعبته الأساسية هي تلك الهزيمة الداخلية التي تؤدي إلى التنازل عن الذات لصالح الآخر.